. من لظى الإعياء
أنا ما كتبتُ الشّعر من تلقائي
بل كان وجدٌ فاض من إيحائي
أنا ما وشمتُ القلب في ورق الهوى
بل كان رسم الحرف من أشيائي
أنا ما أمرت الغيم في هطلٍ هنا
لكنّ بحري طاف كالأنواءِ
ترجمتُ أحوال الخليقةِ كلّهم
هم مثل حالي خارج الأضواءِ
فالحاجةُ الهوجاء تفتك بالورى
حطّت رحال الحرب بالأنحاءِ
قتلٌ هنا... بردٌ هنا.... جوعٌ هنا
والقهر صار بسائر الأحياءِ
رجلٌ ينادي غيمةً فوق المدى
قحطٌ يجرُّ السّهلَ للصّحراءِ
طفلٌ يناجي في خيالهِ بسمةً
أو رسمةً أو رشفةً من ماءِ
وصبيّةٌ حلمت بأنّ حبيبها
يأتي لها بدفاتر الإمضاءِ
حقّاً أتى... يا ليتَ حقّاً ما أتى
فالحبّ جاء بكوكب الشّهداءِ
من كلّ صوبٍ في الدّنى أقصوصةٌ
تروي دموعاً من لظى الإعياءِ
هل أنسجُ الأشعار من مللٍ هنا
أم من شعورٍ جال في أرجائي
فهناكَ طفلٌ في الشّوارعِ جائعٌ
وهنا عجوزٌ جاء للإيواءِ
وهناكَ في رمل الصّحاري ضائعٌ
حرق اللّهيبُ مخابئ البيداءِ
وهناكَ في جهةٍ مقابلةٍ لنا
غولٌ يضخُّ المال في الأحشاءِ
كَثُرَ الضّلالُ وزادَ في بلدي ولم
يأذن لنا الرّحمنُ بالإنهاءِ
عشرٌ منَ السنواتِ والنّاس اكتفت
كَذِباً منَ الأخبار والأنباءِ
كلٌّ يشدُّ الحبل فيما يشتهي
والنّاس حارت من يكون الطّائي
ياربّ فرّج فالعباد تناثرت
كنّا نلوذ الصّمت للإرضاءِ
ماعاد فينا دمعةٌ تبكي الأسى
جفّت دموعي من كثير بلائي
هل أكتب الآلام من هذا الأسى
أم أكتبُ الأشعار من تلقائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق