الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

( ذاكرة التراب المتحرك ) بقلم الأديب محمد محجوبي / الجزائر

ذاكرة التراب المتحرك 
. ...

وأنا صغير غمرتتي حكايات ثورية تناقلتها مهج الصبار الذي غطى انتفاضة الحقول المجنونة المسك وعلى صيت التراب المتحرك تصلبت في ذهني معرفة الدم الذي يدحض خرافة الليل ، تناهى لي من أمي غناء الغابة على وقع زئير يشرب النار ويدخن الزمن في صولات الثورة التي نسجت للشمس رداءها على بحات زغاريد سحرية وثقتها أمي على جذع نخلة كانت مترفة بحركات ترابنا السخي وكان تلك النخلة مهيبة عصية على الكلاب الفرنسية التي هزلت من شدة العواء المقرف الوجوه ، 
الرعيل الذي غرس الراية الجزائرية على ربوع لامتناهية من دم أوعز للقمر أن يلهم النخلة أسرار كتابنا الوردي  ، حيث كنا نستلهم الأبجديات من شهد الحكاية الثورية فتلين الجبال حنينها لرصاص مقدام بتر الذيول الفرنسية بمحض فجر تحرك في أحشاء الوجد ، في مشهد الحسم المتحرك ، تراب يتحرك من تلقاء الضوء ، نخلة ترقص رقصة الذهول المترسل في الهواء ، ربوع تتمدد في أصباغ الحلم الشعري  ومقابر من مسك الشهداء تتلو صلوات توحيدية في صمت متحرك على أوصالنا الثورية اليانعة .
حتى في مغيب الفكرة من لب التوهج ، على عويل فرنسا العجوز تفتش عن وهنها في سبات الرماد ، لا تستحيي من عطن الكفر ومن جائحة الزمان ، لا تزال الثورة تتوغل في شهب الريح لتبشرنا نخلة هذا الأصيل أن الرسول الكريم متوج بدمنا ذاك المدد الأصيل وأن ترابنا متحرك في نشوى الروح من مليون شهيد سعيد .

محمد محجوبي / الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق