خبز أمّي
مروان معماري
هو خبزٌ معجونٌ بيدين طاهرتين، وطحينه فيه بياض المحبّة وعظمة التّضحية..
وعيتُ على الدّنيا وأنا أشاهد والدتي(أمّ بيترو) وهي تستيقظ عند السّحَر ، فأفيق معها لأرى خبز المحبّة يبدأ رحلته من الدّقيق فالعجينِ إلى الاختمار حين يتسلّل أوّل شعاع للنّور من كوّة العلّيّة في بيتنا ببستان الدّيوان ، ثمّ يأتي دور تكوين الأرغفة ،وهي المرحلة المحبّبة على قلبي، فتُعطيني أمّ بيترو قطعة عجين وشوبكاً صغيراً لألهو وأشكّل ما يحلو لي، فأراقبها كيف تجعل العجين كراتٍ ، وتبدأ في بسطها بالشّوبك لتغدو أرغفة صغيرة مستديرة، ثمّ تضعها على طبقٍ من قشٍّ بديع الألوان وتجعلها طبقاتٍ بينها قماش ناصع البياض، وأؤكّد أنّ سعادتي بهذا المشهد السّاحر كانت أكبر بكثير من سعادة أطفال اليوم الّذين يلهون باللّاب توب وغيره من الأجهزة الألكترونيّة.
عند الصّباح يأخذ أخي الكبير الطّبق إلى الفرّان، ويعود بخبز ناضجٍ ساخنٍ تعبق منه رائحة المحلب، فآكل منه بعد أن تدهن أمّي الرّغيف(الكماجة) بالسّمن العربيّ وتحلّيه بالسّكّر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق