الخميس، 19 مارس 2020

جواب متمرد للاديب الرائع عبد الزهرة خالد العراق

جواب متمرد
بقلم عبدالزهرة خالد - البصرة
————————
سأكونُ متمردًا ولا يجبرني أحدٌ أن يأخذني إلى سفينةِ النجاة ، رغم أني لا أعتصم بقممِ الجبال ، أهوى الوديانَ حينما يحملني السيلُ إلى ما يشتهي وفي قبضتي قشةٌ تعادلُ الأصدقاء ، حسب رغبتي أتشبثُ بجذرٍ واحدٍ ثابتٍ لينقذني من الانجرار ، لأني أحبُّ الناسَ جميعاً فأعتقد كلّ النّاسِ  تحبني ولأني أعشقُ الوردَ أرى الصحاري مثل البساتين ، يهبُّ على الوطنِ النسيمُ إلى أن يغفو على زندي ، لذا أشمُ العبيرَ في زنزانتي الشريفةِ الخالية من فضاءِ التخمين . قمرٌ واحدٌ يدورُ  في فلكٍ لا تحده مجرات بل أفكار متلاطمة بموجِ الضياءِ المنبثقةِ من هلالٍ يرتقبُ العيدَ لنفسه ، كان قد نذرَ قطعة قماشٍ  يرتديها أولَ غبشٍ  لسنبلٍ انحنى كبرياؤه أمامَ المناجلِ  .
سأكون أولَ المتعلقين بجدارِ ذكراكَ كلّما مرّ موسمُ الحجِ في شباط خالٍ من مؤامراتٍ وانتفاضات وعروسِ الثورات ، كنتُ أحسبُ الشهر كأنّه صديقي أو جار يجاورُ أيامي لا فرق بيننا غير إنّه زمانٌ وأنا إنسان أنظر إلى الوهمِ حقيقةً وإلى الحقيقةِ وهماً ، من دون أبالي بالمنتقدين والمعارضين طالما أنه الشهرُ الثاني من كلّ عام .
كانوا معي قبل سنوات لكنهم رحلوا ، 
كيف ؟ لا أعرف ، 
متى ؟ لا أتذكر ، 
فقط كانَ لحنُ ( الهور ) يجوبُ دهاليز الأذنِ الوسطى المبتلية بالدورانِ والذهول عندما يسقطُ أسمُ من تاريخِ الوجودِ ويبقى المشحوفُ يغازلُ السمكَ البني على حسابِ ( الكطان ) ما أجمل رعشة القصب .  
مازلتُ في عقدةِ التوظيف لأنك المتصحرُ هناك وأنهري تسحبها الرمالُ لقصورها البالية ترقصُ في لياليها القواربُ ، تنتظرُ الغرقى السارقين جنات السّماء دون ملاحقة أنهار العسل والخمر وأجنحة الحواري ..
سأستجدي خلجات الكون البائنة في مصابيحِ الجليدِ عندما يسامرها القيظ بلا وازعٍ من ضمير . الحجرُ عريانٌ في مدينتي منْ يستر عورته أو يحمله لينقذ الشيطان من رمي البشر ، هكذا كانت الحروفُ العريضةُ في الصحفِ الأولى من أخبارِ الصباحِ العاجلة دون أن يقرؤها أحد من دعاة الوطن . 
السؤال الفلسفي الذي يكون جوابه هو السؤال .
————————-
عبدالزهرة خالد
البصرة / ١٩ -٣-٢٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق