رحلة البحث عن الذات
منفردة على مكتبي يآزرني قلمي ومحبرتي ، تكتبان ، تضجان ، تبعثران الحروف يمنة ويسرة علّ أحدهم يسمعني يجيبني يألفني ، أصيح بالديار والآثار أين ذاتي ؟ أين نفسي .. في ظلمة الليل الرهيب بحثت عنها ، ناديتها ، صرخت طالبة رجوعها لكنها أبت إلا تعذيبي إلا سحقي إلا تقتيلي ... فبقيت جسدا بلا روح ، كائن بلا كيان أهيم في البراري في السهول وفي القفار تتلقفني الأيادي العابرة ضاحة تارة متهامسة أخرى وهازءة في أغلب الأحيان .... أوقفت العالم ساعة ، أوقفت الكون ساعات علني أجد التي أبحث عنها ، علني أتلقفها من براثن صقر جارح مزق أشلائها وبعثر أوصالها وسكب جداول خضّبت الأرض بدمائها ... .. أراها قابعة تنتظرني ، تهمس لي ، تبتسم ملء شدقيها ، تستعجلني في القدوم لضمها إلى صدري وسكب دفئي في قلبها ... فأقف وأسقط ، أتسلق الجبال وأعبر الأنهار والبحار و أصل الليل سيرا بالنهار ... لا تفصلني عنها سوى خطوات ، تبتسم لي وأفرح بلقياها ، أنحني لحملها فتذوب صورتها ويتبخر كيانها صاعدا كدخان وردي مع خيط الشفق الأحمر ... تختفي الشمس ويكثر الهمس وتعود العتمة إلى الكون حاملة في جناحها الغربة والرهبة التي ما إن لمحت سقوطي حتى تسللت إلى نفسي وتغلغلت في أعماق كلومي لتتركني في عالم لا أنتمي إليه ، عالم غريب أمقته ويمقتني ، أرفضه ويرفضني ...... لماذا هذه الغربة في ذاتي ؟؟!! لماذا هذا التضارب في مشاعري ؟؟!! صرت أتخبط في بوتقة المجهول واللامعلوم ، أنكر اليقين وأقر بالأوهام ، أنفي الحقيقة و أؤكد الخرافات....خوفي يشتد وضعفي يتفشى ونفسي تذوب بلقائهن ....... فهل ستبقى اللاتي اخترتهن قرب ذاتي ؟ هل سيقدّرن الحب الذي أكنه لهن ؟ ... وبالتفكير فيهن يضيع ذهني بحبهن ، بالحلم بهن ، بالشوق لهن ... وأنا وحدي منفردة على مكتبي يآزرني قلمي ومحبرتي والناس في غنى عني ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق