الجمعة، 1 يناير 2021

( في عتمة الحافلة ) بقلم الأديب تيسير مغاصبه / الاردن

سلسلة قصص -طريق سفر-
    (في عتمة الحافلة )
-------------------------------------------------------------
-٤-
وداع .

على باب الحافلة التي منع فيها التدخين ؛
قبل سيجارته المحتضرة عدة قبلات ،نفث ماادخلته في 
رئتيه ..انحنى..وضعها على الرصيف برفق، 
مسح دموعه وصعد إلى الحافلة.

 

  -٥-   

  خبر 

1980م
الحافلة منطلقة 
عبر الطريق 
الصحراوي..

الصمت يخيم على
على تلك المركبة..
المغلقة..
المظلمة..
وعلى جميع 
المسافرين..

منهم الغارق في
نوم عميق..
ومنهم من يتكئ 
على الزجاج..
ينظر إلى الصحراء..
والجبال والصخور
التي إن أعطت 
أي انطباع 
فإنه لايكون سوى
انطباع البؤوس 
والاكتئاب ..

آخر يفتح عينيه 
واسعتين وكأنه 
تحت تأثير
مخدر شديد الفعالية..

آخر يتكئ على
كتف زميل له 
بشكل مزعج بالرغم
من أنه لايوجد أي
سابق معرفة بينهما..

لاشيء يعلو على 
صوت محرك 
الحافلة سوى
صوت المذياع..

حين ينبعث صوت
الناي الحزين..
وحين آخر إلقاء 
مجموعة أذكار..
وحين نشرة اخبار
في يوم جمعة
هادىء لدرجة
الملل..

حتى بدأ صوت
رجل عبر
المذياع يقرأ قائمة 
من  أسماء 
الوفيات الطبيعية
وأماكن تشييعها ودفنها
لمن ماتوا حتف 
انوفهم هذا الصباح..

فجأة..
اخرجتنا من صمتنا
صرخة أمرأة 
خمسينية
أخرجت المسافرين
من عوالمهم 
وأفكارهم :

-لماذا مت الآن ياسيدي..لقد وعدتني أن تنتظر..لقد أحضرت 
المعلوم..كل شيء الان أصبح في حوزتي..وكل شيء كان على مايرام...لماذا..لماذا..!!؟

بدأت تلطم وجهها..
تشد شعرها الملون ببقايا
الحناء ..
وتمزق ثيابها..

صمت الراديو..
توقفت الحافلة..

ولم تتوقف نظرات
الدهشة،
دقائق معدودة
ثم...
إنطلقت الحافلة 
من جديد وارتفع 
صوت المذياع 

-٦-
رحمة 

أخيرا وصلت الحافلة إلى محطتها الأخيرة، لم 
يترجل منها أي من المسافرين ؛لقد انطلقوا بسفر
أخر ..إلى أماكن أخرى..بعيدة جدا ،وبقيت أجسادهم. 

تيسير مغاصبه 
17-1-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق