الليل ينوح مودعاً تستيقظ على صوت نواحهما متاففة .
لما كل هذا النحيب هل لأنها غفت تلك الليلة قبل ان تقشر لهما التفاح وتطبع قبلة على جبهة كل منهما وتغلق خلفهما الابواب بصمت وقور .
لن تأبه لنحيبهما بعد اليوم بعد أن أختارا غيرها لتكون ام لهما فقلبها بات عاجزاً عن الغفران .
ولكن في الليل تخيلت نفسها قطعة طرية من العجين بيدي خباز ماهر يلوح بها في الهواء مرات عديدة ويمددها على زراعيه معتمداً على حدثه ويضعها على اللوح الخشبي لتكون لقمة سائغة يبتلعها ببطء أتون النوم المتقد .
لكن الحطب ينفذ فجأه وتخمد النار فيمضي ذلك الخباز إلى بيته وعائلته ويتركها قطعة لا تشبه العجين ولا الرغيف .
يابسة باردة أمضت ليلة كاملة في موقد مطفئ .
تترك الافق في حيرته تحت المطر خلف النافذة وتعود إلى وحدتها .
صمت يعانق الجدران الغافية يقبلها ويهمث في اذنيها انغاماًليحميها من لبث الكلام .
لم يكن ثمة صوت يعلو على ضربات قلبها المتواتره .
للوحده نغمة خاصة يضبط ايقاعها القلب وتشترك في عذفها انامل الحواس من يسمعها يغرق في لجة لا قرار لها ويتوه في العدم .
تتجول في الظلام قليلاً فيزحف ظلها مع خطوتها المتوترة ثم فجأة يبتعد عنها متسلقاً حائط غرفتها المكتظ بصور عائلية قديمة ويختفي من دون اثر .
عبثاً تحاول تهدئة دقات قلبها التي بدأت تتسارع يزداد هدير الدم في اذنيها .
ليصبح اصواتا تعلو وتخبو .
تتحرر الصور من قيود اطرها ويجتمع اصحابها بهيئات مختلفة مشكلين حلقة محكمة الأغلاق من حولها .
تقف في المنتصف كحبة مطر على وشك السقوط في خضم بحر هائج تتخبط في محاولة يائسة لإنتشال نفسها من بحر الذكريات .
تقاوم تبحث عن حطام مركب لا أثر له .
تقاوم وتقاوم ثم تغمض عينيها وتستسلم إلى الغرق .
من قال ان المرء لا يرى شيئاً إذا اغمض عينية
ها هي ترى أقدم رجل احبته وأختلفا على أحقية الطفولة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق