******** الحقيقة المُرّة !!!! ****
في عامِي ..وَسَوادُ شَعْري ..وهَلْهولَة أُمِّي
حَمَلوني بآهاتِي ..إلى غَيْرِ رَجْعَة
إفْرح ياوَلَدي .. إسعَد ..تأنَّق ..تَعَطَّر ..
أُرْقُص على ساقٍ وَاحِدَة
ياأُمِّي ..ياأُمِّي ..
أنا أَمام القاضي يا أمي
ما اسْمُك ؟؟
مَجْبور !!
أَيُّ أِسْمٍ هذا ؟؟
أنا المجبور ياسَيِّدي القاضي
أنْتِ ..ماأسْمُك ِ ؟؟
سَعيدَة
أَيُّ سَعادَةٍ أَنْتِ فيها ..وَزَوْجِكِ المجبور
طَرَقَ المِطرق ..ثَلاث
مَحْكَمَة ....
القرار ..
نَفيْ مَجْبور ..إلى جَزيْرَةِ القبور
السيّاف ..
ضَعوا قناعِ الحديد في رأسِه .
أرْبُطوا مِعْصَمَيْه بِباقَةِ وَرْدٍ ليلة الدُخلة !!
وَهكّذا ..بَدأ ..مَنْفاي
تَعَرَّفْتُ على أَقْوامِ يونِس ..
عانَقْتُ الحوت .. إلتَمسْتَه
أَنْ أَكونَ وَليدَ بَطْنِهِ !!
إلتَمسْته ..أَنْ لايَلْفُظني
أَغْمَضَ عَيْناه وَبَكى
أَهْداني حَبَّة مِنَ اليقطين..وَبَكى
هَوَّنْتُ عَلى نَفْسي ..
جَرَعْتُ اليقطين المطَعّم بِذَراتِ الرمل
قَضَيْتُ أَيّامَ ألعُرس ..بينَ سُكّان الجزيرة
إحتفلوا
إرتدوا بَدَلاتِهِم الأنيقة
مِنَ القماش الرقيق المصنوع مِنْ لَحْمِ الله
والكعوب المطلية بِبَريقِ ذَرّاتِ الرمل .
جاءَتْ سَعيدَة ..تَتَبَخْتَر !!..تَتَفاخَر !!!
كأنَّها نالَت جائِزَة العرس
وأنا المجبور !!
صُرْتُ مَجْبوراً حَتّى على أنْفاسي
عُزِفَتْ سَمْفونِيّةُ الموتى الأغراب
راقَصَتْني سَعيدَة ..وَهيَ تَتَمايَل
وأنا المجبور
صُرْتُ مَجْبوراً بالإبتسامة لِجُلاّسي
قَضَت لَيْلَتي الأولى ..
واندثرت عِنْدَها المشاعر !!
لَمْ تَحْضَر أُمّي ..صَباحَ عُرْسي
وِلَمْ يَكُنْ عِنْدي فُطور !!
حَضَرَ مَلِكُ القبور ..
يُقَدِّمُ التهاني !!..وَهُوَ المجبور !!
دَعانيْ وَسَعيدَة ..لِقَتْلِ الطيور
فَرِحَتْ سَعيدَة
وَبَتَرَت رِقاب كُلَّ الطيور
أَغُضُّ الطرف !! أتألَّم !! وأنا المجبور
رَسَمَت سَعيدَة كَفَّيْها على جُدْرانِ القبور
بِدِماءِ الطيور ..
تَفَنَّنَتْ سَعيدَة بِرَسْمِ الكف
جاءَتْ بِدَمِهِ عِنْدَ سَريرِها ..
وَوَسَّمَت كُلُّ الرفوف
إنقضت سَبْعٍ مِنْ لَيالي العرس ..
وَصَمَتَتَ كُلُّ الدفوف
إنقضت لَيالي الثلاثون عاماً
وَرَقَبَتي تُذْبَح عِنْدَ كُلِّ أذان !!
بِكُلِّ ما مُثْلَم مِنَ السيوف
إستأنفت أُمّي قَرارَ النفي
بَعْدَ أنْ عَشْعَشَ القمل عِنْدَ يافوخِها ..مِنَ الندم !!
بَعْدَ أنْ تَخَلْبَصَت خُصَيْلاتها البيضاء
التي نَبَتَتَ مِنَ العدم
أبى القاضي السماع
لأنَّ أُمّي والقاضي ..بَلَغا السن القانوني ..لِحَوّاء وآدَم
رُكِنَت مَلَفّاتي عِنْدَ ...قابيل
صَفْراءٌ ..خاويةٌ ..أُقْتُطِعَتْ مِنْ أنْيابِ العثة
دُفِنَتْ مَلَفّاتي..عِنْدَ هابيل
بِفَضْلِ الغراب ..الذي لَمْ تَبْتِر رَقَبَته ..سَعيدَة
تَطايَرَت إحدى وُرَيْقاتي ..بِخَطِّ القاضي ..
جَرَت خَلفها .....ساقاي
وَرَقَبَتي لإتباع الأثر
حَطَّت وُرَيْقَتي ..عِنْدَ قَدَمَي سَعيدَة ..
حَدَّقْتُ فيها..
كانَ كَلَمُ القاضي ..بالدم ..
لاتَيأس مِنْ رَحْمَةِ الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق