القلم ...
منذ أن خلق الله آدم واستخلفه في الأرض وعلى مدى العصور من بعده لم تكن الكتابة معروفة وبالتالي لم تكن القراءة لها أي وجود ؛ ولكن على مر العصور وتكاثر الإنسان وانتشار البشرية وتنوع فئاتها واختلاف توجهاتها كان لا بد لتلك الأقوام من أن تعيش على شكل تجمعات إنسانية ترتبط ببعضها عبر سلوكيات محددة وتحكمها آليات التفاهم من خلال التعبير الحركي أو بالإشارات اليدوية وحركة بعض من أجزاء الجسم كأصابع الأيادي أو أصابع الأقدام أو حتى حركة الرأس والعنق والشفاه واللسان ؛ وكل ذلك كان بمثابة اللغة بين التجمع السكاني الواحد، إلى أن أصبح يمارسها مع أقوام أخرى تمكنت من الوصول إلى مفاهيم مشتركة بينها ، ومع مرور الزمن تطورت لغة الحركة إلى النطق بكلمات و مفاهيم ومسميات متعارف عليها وأصبحت بمثابة اللغة الخاصة بكل جنس أو فئة بشرية.
ولكن في ظل عدم تمكن تلك الأقوام من تدوين الأحداث و المفاهيم أدى ذلك وعلى مر العصور القديمة ( عصور ما قبل التاريخ ) إلى اندثار كل ما نتج عن تاريخ وتطور الفكر الإنساني وبالتالي تم نسيانه ؛ ولكن من حركة الزمن وتوجه الإنسان نحو تأريخ سلوكه وأدائه الحياتي والفني لجأ إلى النحت والنقش على الصخور برموز و رسومات من مكونات الطبيعة من حيوانات وطيور وغيرها من الكائنات الحية وكذلك الجماد ؛ وكان لكل رسوم ورموز مفهومها اللغوي.
وعلى مر العصور و ديمومة حركة التاريخ واستمرار حركة الإنسانية وتوجهه نحو الابتكار، تمكن من التوصل إلى رموز لغوية جديدة وهي ( الحروف) التي تتكون منها الكلمات التي تُكون الجُمل وبالتالي أصبح هناك ما يمكن تسميته باللغة.
ومن هنا بدأ الإنسان بالبحث عن ما يمكن كتابة لغته عليه غير الصخور و الحجارة ، فاتجه نحو الكتابة على جلود الحيوانات وأوراق النباتات الكبيرة مستخدما الدم وبعض الأصباغ التي يستخرجها من الأشجار وبعض النباتات مستخدما يديه في ذلك أو بعض قطع من فروع وأغصان الأشجار ليخط بها حروفه وكلماته.
وفي إطار استمرار حركة الإنسان والزمن نحو التطور ، نرى اليوم أن الكتابة أصبحت من أهم المكونات الثقافية والحضارية و التأريخ وبالتالي تمكن الإنسان من حفظ تراثه وتاريخه عبر كتابتها وتدوينها على صفحات ورقية مختلفة الأشكال والألوان مستخدما ما يعرف ( بالقلم).
فالقلم اليوم هو الوسيلة الأساسية للكتابة والتدوين والإبداع الفكري والفلسفي والعلمي وهو الأداة الأكثر جرأة في التعبير عن الآراء المختلفة وعن الكتابات المتنوعة أدبية كانت أو شعرية أو سياسية أو حتى بحثية أو رسائل دراسية من ماجستير و دكتوراة وغيرها ، وهو وسيلة الكُتاب لإيصال أفكارهم وآرائهم على مستوى انتشار البشرية في العالم.
ومن هنا أصبح القلم بمثابة سلاح ضد الظلم والقهر، كما أنه أصبح يؤرق الظالمين و السياسيين وكل من استهان بالشعوب وحقوق الإنسان .
فالقلم اليوم هو المستهدف من تلك الفئة التي كثيراً ما تهاجمه وتسعى لكسره وتجفيف مداده لأنه الشاهد القوي والصادق على كل السلوكيات ومن خلاله تنهض الأمم وتحقق تطورها في مجالات الحياة المختلفة فنية كانت أم أدبية أو ثقافية أو علمية وصناعة وفكرية وغيرها .
فالقلم يظل هو القلم النابض بالحياة والإبداع والفكر وحافظ التاريج والتطور الحضاري والإنساني؛ وهو السلاح الأقوى في أيادي من يُجيدون استخدامه.
وأهمية القلم فقد أقسم به المولى عز وجل في قوله تعالى (( ن والقلم وما يسيطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون )) ؛ ولأهمية القلم فقد خصه الله تعالى بسورة في القرآن الكريم وهي سورة القلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق