...رقاص...
شَقيٌّ يُراقِص حَبْلَ جلادهِ
شيْخُ الْأعرافِ وخَباياها.
لا يَعرِفُ الْخَيْرَ ولا الشَّر
ثُنائِياتٌ نَسِي وقْعَها وَمدَاها
جُرمٌ سابِحٌ في سَماءِ الْعَدمِ
يُنيخُ لوَقْعِ الْحَياةِ ومجْراها.
الْفراغُ ، التّيهُ ، الْهَذَيانُ مَلاذُهُ
حُروفهُ فراشاتٌ يَجْهلُ مَرساها...
عَبْر الْأثيرِ مسافِرٌ ، وَسنانٌ
لعُمْري ما ظَنَّ يوْمًا لُقْياها...
يقُصُّ بِاللوْنِ بِالْحرفِ أوهامًا
يُشَيّدُ بِالدخانِ أطيافَ سراياها،
تارةً منافٍ لجَهْلِهِ ، وأخْرى
مقابرَ عِتابٍ لِمَكْرِ طَواياها...
يُداري ، يراوِغُ ، يكابِدُ ، يُسايِرُ
لَعلّها تَبوحُ يَوْمًا برنينِ أجْراسٍ
يَمْحو ، وَلَوْ لِبُرهةٍ ، زَلّاتَ قلْبِهِ
يُدَثِّرُ لِلأبَدِ رَمادَ خَطاياها...
ما ضَرَّها لَوْ منَحَتْ لِجُنونِهِ
بَحرًا مِنْ حِبْرِ الْحِكْمة
لِصَقْل ِألواحِ وَصاياها...
كلَّتِ الْبلاغَةُ مِنْ ثِقْلِ صَمْتِهِ
وأصواتُهُ تُحاكي بِبَوْحٍ رَهيبٍ
شُحَّ سُقْياها
أسَفًا على كلِّ عَرَبِيٍّ تائهٍ غَريبٍ
عانى في الوُجودِ مِنْ مَتاهاتِها
مُمَزَّقًا بيْنَ هَوْلِ ضَياعِها
والْخَوفِ مِنْ عِبْء مَلْقاها ...