الثلاثاء، 25 فبراير 2020

زمن من تراب قصة للاديب عبد الزهرة خالد البصرة

زمن من تراب
عبدالزهرة خالد- البصرة 
—————
عندما يحل الظلام ونكتفي من اللعب في الساحة الترابية تحت الضوء الأصفر الذي يشع به عمود الكهرباء في حارتنا ، نسرع إلى أسرتنا بعد شطف أرجلنا بماء الحنفية المنصوبة وسط الحوش ، حيثما نتعب من الضحك وكركرة النكتة البسيطة على قدر لغتها ولحنها ، نتدرب على السير في طرقات السماء حتى كدنا أن نحصي النجوم الغافية والواقفة ونذرع الفراغ الذي يسري بين المجرات ، إلى أن تهبّ على أجفاننا نسمة تموزية مائلة إلى البرودة قليلا ويغالبنا النعاس قبل أن يكتمل الحلم بفقرة أمي توقظني تدس الكيس والدراهم في يدي الناعسة وتفرك فروة رأسي ثم تقبض على ( سكان ) الدراجة الحديدية لحمل ( الصمون ) كوجبة رئيسية لفطور اليوم المبكر .
صباح تموزي لن يختلف عن أخوانه سريع الاشتعال بالحركةِ وما أسرع مجيء وجبة الغداء ، كنا ننتظر شخيرَ الوالدين الذي تنعش الهدوء ويعطي للفراغ حيزاً مثل فتحة نافذة إلى حديقة خلفية بعيدة عن أنظار الحرّاس .
لم تفارق ( النعل البلاستيكية ) الأقدام السمر  قبل أن تخلعها على ضفاف دجلة الندية من لسان النهر ، دون سابق إنذار ، يداعب السيقان ، ويشطب الخواصر من الأضلاع لتشكل زاوية منفرجة في طريق متموج شبيه بقارب صغير لا يحمل إلا مقعدا واحدا ويتسع لعالم من وجهاء الطفولة قريبة من سن الأربعين ..
عند العودة يستهوينا التمر المتساقط قرب أسيجةِ دور الأغنياء دون أن يمنعون تنظيفنا للبقعة المباركة في الحي المغمس بالفقر ، كنا قد ارتوينا بماء الشط والتمر يجدد الطاقة لنا للعبة أخرى ربما كرة القدم بأهداف مصنعة من ( نعل ) اللاعبين ..
أما السيرة الذاتية لأيلول قد يختلف عن سابقيه ( لا تكيلون ) نذهب خلسةً من أولياء الأمور إما إلى المقهى أو دورِ السينما حيث العودة قبل نهوض رؤوسهم من قيلولة ثقيلة بثقل سمن المرق في ( ماعون التشريب ) لغاية الآن لم أعرف الجواب لماذا الآباء لا يقبلون لأولادهم الذهاب إلى المقاهي والسينما بينما هم يرتادوها بكل أمان دون ان ينتقدهم أحد . 
إذن لا يجوز للصغار أن يفعلوا  ما يفعله الكبار فهي من الكبائر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق